الجمعة، 10 فبراير 2012

دقن و عمه و ثوره و باريه


كفوا و فورا عن مهاجمه المفتي و شيخ الازهر و البابا ...اعلم ان تلك الكلمات القليله اما ستستفزك و ستبدأ في السب و اللعن او ستجعلك تقول في قراره نفسك "ايوه كده هو دا كلام الناس العاقلين " ...و الحقيقه ان كلا الموقفين خاطئين فانت لم ترى حتى الان تبريرا لذلك السطر الوحيد و مع ذلك فقد كونت رأيك مسبقا مبنيا على كلمات قليله و على قناعاتك الشخصيه ..
الان اهدأ قليلا و حاول ان تنسى معتقداتك الراسخه و هلم نتحاور قليلا ...
احيانا تكون عداله الثورات في ظلم ظالميها , ان تكون الثوره فعلا ديكتاتوريا على من عداها لتزيله من امامها مره واحده و الى الابد , ان تزيل النظام السياسي الديكتاتوري او الاقتصادي الفاشل الذي دفعها لان تقوم . في حالتنا لم تكن تلك هي الحاله . فشلت الثوره في اداره معركتها مع من عاداها و الاخطر مع من وقف محايدا متفرجا عليها . ربما لاننا عشنا طويلا في مجتمع ديكتاتوري فاشي فاصبحنا بحكم العاده و التطبع فاشيين ايضا كلما اتيحت لايا منا الفرصه
عندما قامت الثوره منذ سنه بالضبط كان من الطبيعي و المنطقي ان تقصي كل اتباع مبارك و اركان فساده , الا انه بمرور الوقت و بحكم تساهل المجلس العسكري و مراعاته للعيش و الملح مع هؤلاء الاتباع حرص على الا يمرر او يفرض عليه اي قانون للعزل السياسي او المجتمعي - قانون العزل السياسي لاعضاء الوطني صدر بعد 10 شهور من قيام الثوره - للاتباع ..مما سمح لهم ان يظلوا في اماكنهم كل تلك الفتره , في تلك الفتره ايضا انشغلت الثوره باحداث كثيره و غريبه متعاقبه .في تلك الاحداث ايضا بدأت حمى استخدام كلمه فلول ,فصار وراء كل مصيبه و كارثه وكل اهمال و تسيب فلول و وراء الحوادث الطبيعيه فلولا ايضا حتى فقدت الكلمه معناها لكثره استخدامها .و صار الهجوم على الفلول و استخدام تلك الكلمه هو مدعاه للسخريه من قبل الجميع سواء ثوارا  او متفرجين او مؤيدين سابقيين  ..على ايه حال فبعد مرور 5 اشهر من الثوره كان كل الذين يديرون مصر فعليا و صوريا هم فلول . و ايضا كان وراء كل المصائب التي تحدث فلول كما اراد الاعلام ان يصور .و لان كثيرا من الثوار قد اخذتهم الحماسه الثوريه فقد بدأو يطلقوا كلمه فلول على كل من لم يشارك في الثوره ايضا .. فماذا كانت النتيجه ؟!
النتيجه كانت ان الثوره كلما استخدمت كلمه فلول اصبحت تشير الى قطاع عريض جدا من الشعب المصري , يمثل كل من لم يشارك في الثوره و كل من عاداها ,فتوقعت الثوره في تلك الاثناء على نفسها و اصبحت الثوره للثوار فقط و معظمهم من لهم خبره بالتظاهر او بالسياسه و لم تستطع ان تجذب اليها المواطن العادي البسيط ,اضف الى ذلك قليلا من الشحن الاعلامي و اصبح رجل الشارع لا يطيق ان يسمع كلمتين "فلول " و "مظاهره " ,فقد ربطت في ذهنه ان كلمه فلول هي تهمه جاهزه سيلقيها عليه الثوار متى ارادوا و مظاهره سوف تأتي عليه بالخراب مره اخرى , و هنا بدأت معركت الاقصاء بين الاطراف المتعدده , الثوار بمحاولتهم ان يحافظوا على الثوره و يحققون اهدافهم يطلقون على كل من يقف في طريقهم او على جنبات الطريق "فلول " و العسكر بدأ في اعتقال الثوار و الداخليه شرعت في قتلهم و الاحزاب الدينيه بدأت في تخوينهم ثم رجال الدين الذين افتوا بعدم  استحبباب ما يفعلونه و بعضهم ذهب للتكفير,فتقوقعت الثوره اكثر و اكثر و انطوت على نفسها ....كل هذا لان المعركه صارت من يستطيع ان يقصي الاخر بصوته العالي  و لم تسعى الثوره في تلك الاثناء ان تصل الى رجل الشارع العادي بل طالبته بان يصل هو اليها والا صار "فلول " هو الاخر .....

كان لحسن حظ الثوره ان العسكر و الداخليه كلاهما بدأ في اظهار الوجه القبيح الدموي - ماسبيرو و محمد محمود و القصر العيني - و بدأو في مخطط تصفيه الثوره و الثوار و هو ما جذب الناس الى الثوره مره اخرى عندما رأو كل تلك الدماء و سمعوا اهات الامهات الثكالى ,فتعاطفت الاهالي مع الثوره و شعروا حينها ان ابناءهم في خطر حقيقي فنزلوا الى الشارع و شاركوا . لكن اليوم - ولا اعلم هل بفعل فاعل ام لا- نعود الى نفس الخطأ مره اخرى و نحن ندعو الى العصيان المدني ..

الحقيقه ان فكره العصيان المدني و الاضراب هي فكره متحضره للغايه , لكن الحقيقه ايضا ان تلك الفكره على وجاهتها فانها تطلب من رجل الشارع ان يحتمل ما لا يطيق لكي يؤيد الثوره . فنحن اليوم نطلب منه ان يتخلى عن قوت يومه و دعني اشير الى ان فئه كبيره جدا من الشعب المصري من طبقه عمال اليوميه و طبقه اكبر من الموظفيين الحكوميين و القطاع الخاص و كلهم اما لن يستطيعوا توفير قوت ذاك اليوم و اما سينكل بهم جميعا اذا شاركوا في العصيان . في نظر الكثير من قاده الرأي في الثوره فان هذه كلها تضحيات بسيطه في سبيل انجاح الثوره و لكن الحقيقه انه امر ليس بالهين على مواطن مطحون يشحنه الاعلام ان الثوره هي سبب الخراب الاقتصادي الذي حل به و ربما كان الاجدى ان تستمر المسيرات المناهضه لحكم العسكر و تستمر حمله كاذبون فتلك الوسيلتين قد اظهرا قدره عظيمه على حشد الشارع .على كل الاحوال فانه  و بينما نحن ندعو للاعتصام المدني بالطبع بدأت كالعاده الاحزاب الدينيه في تخوينهم و العسكر في اتهامهم بالعماله و و خرج المفتي و البابا ايضا ليعلنوا رفضهم للاعتصام . في كل هذا الهجوم على الاعتصام و لسبب لا اعلمه ايضا بدأ توجيه الهجوم المضاد من قاده الرأي في الثوره و الثوار ليتحول الى هجوما على المفتي و البابا ..
و هنا تكمن مشكله خطيره ان الهجوم على الرموز الدينيه بصفه عامه و البابا و المفتي بصفه خاصه تجلب على الداعي للهجوم كثيرا من عداء الشعب المصري الذي تعلم على مدار عقود طويله ان يسمع و ينفذ كلام رجال الدين دون فرصه للتفكير ,فتحول الصراع الى نداء بالعصيان المدني يقابله تجريم من رجال دين فهجوم على رجال الدين يقابله هجوم على العصيان المدني من الشارع بصفه عامه ....لن اذهب وراء النظريات التي تقول بان المفتي و البابا قيل لهم ان يقولوا هكذا و سافترض انهم قالوا تصريحاتهم تلك عن ايمان و يقين بان تلك هي الحقيقه و هذه هي مصلحه البلاد ..و هنا اتسائل ..

1- هل اخطأ البابا و المفتي في رفضهم للعصيان المدني؟؟ ..من وجهه النظر الدينيه لم يخطئوا -اسلاميا او مسيحيا - انطلاقا من مبادىء العمل عباده و انظر للنمله ايها الكسلان ..لكنهما اخطئوا انسانيا على الاقل و اخطأو لانهم اعطوا رأيا دينيا في امر سياسي بحت و لانهم بقولهم هذا اوحوا لفئه كبيره من المجتمع ان العصيان حرام ..لاحظوا ان كليهما لم يحرم العصيان المدني و لم يكفر المشاركين فيه لكن كليهما ايضا استعمل لفظه عدم القبول دينيا و الرفض ...
2- لا تنتظروا من ايا منهما ان يخرج عليكم بموقف ثوري ,فرجال الدين بطبيعتهم محافظين و اصلاحيين يؤمنون يضروره السعي و محاوله تتويب الخاطىء العاصي حتى يعود الى ربه حتى النفس الاخير,اما الثوره فقامت على مبدأ واحد بسيط "انسف حمامك القديم "و هو ما يجعل مواقف رجال الدين متناقضه مع مواقف الثوره في معظمها فهم و ان كانوا يشتركون في المبادىء الا انهم يختلفون جذريا في طريقه التنفيذ ..احدهما يرى ان الحل في الصلاه و الاخر يراه في التظاهر
3- بالنسبه لكليهما فان الاعتصام المدني هو شيىء جديد عليهم لا يعلموه و مما اوحى به خلال الايام الماضيه -عن طريق الاعلام و هؤلاء الرجال بحكم سنهم تعودوا ان يحصلوا على المعلومات من اهرام اخبار جمهوريه - انه يهدف الى اضعاف الاقتصاد و هو ما لا بد ان يقابل بالرفض منهم لانهم بالقطع يروا ان اي عملا من شأنه ان يضر و لو بانسان واحد فهو عمل خاطىء و غير مقبول مجددا لانه هكذا هي النظره الاصلاحيه الدينيه و ليست الثوريه
4- علينا ان نعترف ان الثوره لم تحمل طابع التدين في جوهرها ولا في ممارساتها , فالشعار الاشهر لمناهضه الداخليه هو "مش ناسيين التحرير يا ولاد **** " شعارا نردده جميعا ليل نهار لكنه في نفس الوقت يحمل كثيرا من السباب الذي بالقطع ايضا يثير اعصاب رجال الدين جميعهم , فدينه و تدينه يجبره على عدم قبول اي فعل او قول فيه اهانه لانسانا ما حتى و ان كان مجرما و على هذه الشاكله ايضا كثيرا من شعارات و بوسترات الثوره -اللي انا شخصيا بحبها - لكن رجال الدين يمقوتنها لانها تمثل خطيئه و ذنب عظيم ...لهذا السبب بالذات لم تلقى الثوره قبولا عند معظم رجال الدين اسلامي او مسيحي
5- يجد رجال الدين انفسهم امام احكام و ايات دينيه تقضي بعدم مجابهه الحاكم الا في اضيق الظروف .."رئيس شعبك لا تقل فيه سوء " "الرئيس و الجند و الوزراء و المشيرين و مداخلنا و مخارجنا زينهم بكل سلام " و لا اعلم نص الاحاديث التي توصي بعدم الخروج عن الحاكم في الاسلام لكنها موجوده و اختلف حولها الفقهاء "فتاوى عدم الخروج عن الحاكم " ...

اذن الخلاصه ان الهجوم على المفتي و البابا في هذه اللحظه لانهم عارضوا العصيان المدني و اتهامهم انهم من الفلول و مشايخ و كهنه السلطان ,كل ما يفعله ان يستجدي عداءا لم يكن موجودا من طبقه كبيره متدينه - و لو ظاهريا- كانت على استعداد لتقبل فكره العصيان لكن الخطأ الحقيقي كمن في انه بدلا من مواجهه افكار كل من عارض العصيان المدني بافكار اخرى تحولنا الى الهجوم على هذا الشخص و كيل كثيرا من الاتهامات له مع ان الامر ابسط من ذلك فقد يكون هذا هو رأيه الذي حتى و ان كان خطأ فان له الحق ان يعبر عنه ولك الحق في ان ترد عليه ... فلا تهاجموهم بل دعوهم يعبروا عن افكارهم وواجهوا الفكر بالفكر و الحجه بالحجه ,اماالهجوم فمصيره الفشل ...على الساده المقيمين داخل الثوره ان يدخلوا الفكره الى داخل كل عقل و كل منزل و ليس ان نطلب من كل من هو خارجها ان ينضم دون عناءا منا في ايصال الفكره له و مسح الدعايه السلبيه التي زرعها الاعلام من عقله الباطن .
 

0 التعليقات:

إرسال تعليق