وقفت جموع الصحفيين و المراسليين الاجانب و
مندوبي وكالات الانباء العالميه مبهوره بما تراه في قاعه المؤتمر الصحفي . الكل
يتسابق ليطرح سؤالا يصل بهم الى اعلى درجات سلم المجد المهني بينما تضيىء الغرفه في كل جنباتها باضواء باهره
من شده و كثره ما انطلقت فلاشات الكاميرات ملتقطه لقطات كثيره و سريعه و متتاليه
للمنصه . كان تدافع و تزاحم الصحفيين و المصوريين رهيب جدا و بالكاد استطاع رجال
الامن ان يثنوهم عن الصعود الى المنصه , كان الوضع بالكاد تحت السيطره و على شفى
ان تتحول القاعه كلها الى هرج و مرج عارمين . الغرفه تلقيديه شأنها شأن كل قاعات
المؤتمرات الصحفيه , منصه تعلو عن الارض نصف المتر تقريبا , الارضيه يكسوها سجاد
فاخر ذي لون لحمر مميز . ستائر حمراء ايضا و مطرزه قد غطت النوافذ الزجاجيه الضخمه
, بينما توسطت القاعه ايه قراّنيه ضخمه في اطار زجاجي ثمين ..كان سياده الوزير
يعلم ان الوضع قد بدأ يخرج عن السيطره فاقترب من الميكروفون الموضوع امامه و قال
في هدوء "هنبدأ المؤتمر الصحفي لو سمحتم , هنلقي بيان قصير و بعد كده اللي
عنده اي اسئله هيبقى فيه فرصه كافيه " ما لبث الوزير ان فرغ من تلك الكلمات
حتى ساد صمت عظيم في القاعه . وقف الوزير و قد اقترب من الميكروفون اكثر ليلقي
بيانه و بجواره وقف الضيف الذي تثار عليه كل تلك الضجه ,رافعا رأسه الى اعلى يحدق
في الباب الذي امامه في اخر القاعه غير مكترث بكل تلك الضوضاء التي تصدر من الصحفيين
و على وجهه ارتسمت نظره من الكبر و العناد . كان واقفا هناك في زيه المعتاد , حذاء
ذو سن مدبب لونه بني مائل الى الصفار قليلا يستند على نعل من الخشب القوي و في
نهايته وضع ترس حديدي براق صغير لم يعد يستعمله مؤخرا لكنه جزء من شخصيته . مرتديا
بنطال جينز ازرق فاتح يبدو عليه انه ليس بجديد ولا بنظيف ايضا ثم قميص ابيض من
القطن المصري الطبيعي و قد ترك الذرين العلويين مفتوحيين و لكنه حمى صدره بشال بني
اللون من الكشمير الخالص و فوق كل ذلك صدريه من الجلد الطبيعي ايضا لونها بني داكن
و اختتم ملبسه بقبعه الغرب الامريكي الشهيره .في اثناء ذلك كان سياده الوزير يلقي
البيان الذي يعلن فيه نبأ تعيين الضيف الشهير كمستشار و خبير امني للوزاره
لاستعاده الامن الضائع في الشوارع , بعدما فرغ الوزير من البيان قال الضيف باقتضاب
بلكنه جنوبيه مميزه "هيلو فوكس – مرحبا يا رفاق " .... كان الضيف الواقف
هو "كلينت ايستوود " اعظم "كاوبوي " في تاريخ "الويلد
ويلد ووست – الغرب الوحشي المتوحش "
و كان سياده الوزير هو وزير داخليه مصر .
هل تجدون هذه السطور ضربا من ضروب الخيال ؟!
. فكروا مجددا عندما تعلمون ان وزير داخليه ثاني حكومات الثوره – شلاه يا ثوره –
قد صرح بانه سيتم صرف مكافات ماديه لكل شرطي يطلق النيران على بلطجي او عصابه و في روايات صحفيه اخرى "اذا ما يادر
البلطجي باطلاق النيران " . و هذا بالقطع يعيدنا الى عصور الغرب الامريكي و
الكاوبووي و مطلوب للعداله حيا او ميتا مقابل جائزه ماليه , و مخطىء من يظن ان
هناك اي فارق بين صائدو المكافات حينها و بين نظام المكافات الماليه هذا فالمبدأ
واحد و التطبيق واحد لكن تختلف المسميات فقط لا غير ..المبدأ ذاته يعيدنا الى عصور
ما قبل القانون و حقوق الانسان , فهو يعني ان الشرطي سيقوم باتخاذ حكم بالادانه
على من سيطلق عليه النيران و سيجده مذنب و سيوقع عليه اقصى عقوبه نص عليها القانون
المصري و هي الاعدام متقمصا شخصيات كل من الظابط و وكيل النيابه و القاضي بل و
ايضا "عشماوي " . سيتذرع البعض بان يقول بان هذا البلطجي – و هذا تقدير
الشرطي في تلك اللحظه انه بلطجي , و هنا نتذكر ان كل الثوار و كل نزلاء ميدان
التحرير هي في الاصل طبقا للاعلام المصري بلطجيه بالفطره – سيتذرع البعض بانه يحمل
سلاحا و يهاجم مدنين ابرياء او يسرق او يخطف شيئا من احدا تحت تهديد سلاح ابيض او
ناري . و هنا نجد ان القانون ينص على ان المتهم برىء حتى تثبت ادانته –بمعرفه
القضاء و ليس الشرطه – و نجد ايضا ان الحكم الفوري المتسرع قد لا يدرك كل ابعاد
القضيه , فقد يكون هذا البلطجي الذي يحمل سلاحا ابيض و يهاجم شخصا ما , قد يكون
الوضع معكوسا و هذا الشخص هو البلطجي الفعلي الذي جاء ليهدد موطنا في منزله لو في
محله و فقد سلاحه في اثناء الصراع و هنا نجد ان القانون ايضا قد شرع لاي انسان
الدفاع الشرعي عن النفس بل و برأه من جريمه القتل العمد في تلك الحاله و معرفه من
البلطجي و من المواطن الشريف بالقطع تستوجب تحقيات النيابه و حكم قاضي عادل و ليس
حكم لحظي لشرطي في الشارع ..هذا بالاضافه الى انه يفتح بالطبع مجالا عظيما لتصفيه
الحسابات من قبل الفاسدين في جهاز الشرطه ....
اعلم اننا طلبنا وزير داخليه اصغر سنا و اكثر
تماشيا مع لغه العصر و فئه الشباب , لكن الغريب ان القدر في هذه المره قد ذهب الى
ابعد ما نظن , فاذا بنا نفاجأ بقرار يجعل من كل افراد الشرطه لاعبين "كاونتر
سترايك " و "ميدال اوف اونر " محترفين – هي العاب فيديو جيم مشهوره
جدا بين الشباب – ليصيبوا هذا و يقتلوا ذاك ب "الهيد شوت – طلقه في الرأس
" تماما كما العاب الفيديو حتى نحتسب لهم نقاطا اضافيه ..... !
0 التعليقات:
إرسال تعليق