الخميس، 5 يناير 2012

هيد شوت


وقفت جموع الصحفيين و المراسليين الاجانب و مندوبي وكالات الانباء العالميه مبهوره بما تراه في قاعه المؤتمر الصحفي . الكل يتسابق ليطرح سؤالا يصل بهم الى اعلى درجات سلم المجد المهني  بينما تضيىء الغرفه في كل جنباتها باضواء باهره من شده و كثره ما انطلقت فلاشات الكاميرات ملتقطه لقطات كثيره و سريعه و متتاليه للمنصه . كان تدافع و تزاحم الصحفيين و المصوريين رهيب جدا و بالكاد استطاع رجال الامن ان يثنوهم عن الصعود الى المنصه , كان الوضع بالكاد تحت السيطره و على شفى ان تتحول القاعه كلها الى هرج و مرج عارمين . الغرفه تلقيديه شأنها شأن كل قاعات المؤتمرات الصحفيه , منصه تعلو عن الارض نصف المتر تقريبا , الارضيه يكسوها سجاد فاخر ذي لون لحمر مميز . ستائر حمراء ايضا و مطرزه قد غطت النوافذ الزجاجيه الضخمه , بينما توسطت القاعه ايه قراّنيه ضخمه في اطار زجاجي ثمين ..كان سياده الوزير يعلم ان الوضع قد بدأ يخرج عن السيطره فاقترب من الميكروفون الموضوع امامه و قال في هدوء "هنبدأ المؤتمر الصحفي لو سمحتم , هنلقي بيان قصير و بعد كده اللي عنده اي اسئله هيبقى فيه فرصه كافيه " ما لبث الوزير ان فرغ من تلك الكلمات حتى ساد صمت عظيم في القاعه . وقف الوزير و قد اقترب من الميكروفون اكثر ليلقي بيانه و بجواره وقف الضيف الذي تثار عليه كل تلك الضجه ,رافعا رأسه الى اعلى يحدق في الباب الذي امامه في اخر القاعه غير مكترث بكل تلك الضوضاء التي تصدر من الصحفيين و على وجهه ارتسمت نظره من الكبر و العناد . كان واقفا هناك في زيه المعتاد , حذاء ذو سن مدبب لونه بني مائل الى الصفار قليلا يستند على نعل من الخشب القوي و في نهايته وضع ترس حديدي براق صغير لم يعد يستعمله مؤخرا لكنه جزء من شخصيته . مرتديا بنطال جينز ازرق فاتح يبدو عليه انه ليس بجديد ولا بنظيف ايضا ثم قميص ابيض من القطن المصري الطبيعي و قد ترك الذرين العلويين مفتوحيين و لكنه حمى صدره بشال بني اللون من الكشمير الخالص و فوق كل ذلك صدريه من الجلد الطبيعي ايضا لونها بني داكن و اختتم ملبسه بقبعه الغرب الامريكي الشهيره .في اثناء ذلك كان سياده الوزير يلقي البيان الذي يعلن فيه نبأ تعيين الضيف الشهير كمستشار و خبير امني للوزاره لاستعاده الامن الضائع في الشوارع , بعدما فرغ الوزير من البيان قال الضيف باقتضاب بلكنه جنوبيه مميزه "هيلو فوكس – مرحبا يا رفاق " .... كان الضيف الواقف هو "كلينت ايستوود " اعظم "كاوبوي " في تاريخ "الويلد ويلد ووست – الغرب الوحشي المتوحش "  و كان سياده الوزير هو وزير داخليه مصر .
هل تجدون هذه السطور ضربا من ضروب الخيال ؟! . فكروا مجددا عندما تعلمون ان وزير داخليه ثاني حكومات الثوره – شلاه يا ثوره – قد صرح بانه سيتم صرف مكافات ماديه لكل شرطي يطلق النيران على بلطجي او عصابه  و في روايات صحفيه اخرى "اذا ما يادر البلطجي باطلاق النيران " . و هذا بالقطع يعيدنا الى عصور الغرب الامريكي و الكاوبووي و مطلوب للعداله حيا او ميتا مقابل جائزه ماليه , و مخطىء من يظن ان هناك اي فارق بين صائدو المكافات حينها و بين نظام المكافات الماليه هذا فالمبدأ واحد و التطبيق واحد لكن تختلف المسميات فقط لا غير ..المبدأ ذاته يعيدنا الى عصور ما قبل القانون و حقوق الانسان , فهو يعني ان الشرطي سيقوم باتخاذ حكم بالادانه على من سيطلق عليه النيران و سيجده مذنب و سيوقع عليه اقصى عقوبه نص عليها القانون المصري و هي الاعدام متقمصا شخصيات كل من الظابط و وكيل النيابه و القاضي بل و ايضا "عشماوي " . سيتذرع البعض بان يقول بان هذا البلطجي – و هذا تقدير الشرطي في تلك اللحظه انه بلطجي , و هنا نتذكر ان كل الثوار و كل نزلاء ميدان التحرير هي في الاصل طبقا للاعلام المصري بلطجيه بالفطره – سيتذرع البعض بانه يحمل سلاحا و يهاجم مدنين ابرياء او يسرق او يخطف شيئا من احدا تحت تهديد سلاح ابيض او ناري . و هنا نجد ان القانون ينص على ان المتهم برىء حتى تثبت ادانته –بمعرفه القضاء و ليس الشرطه – و نجد ايضا ان الحكم الفوري المتسرع قد لا يدرك كل ابعاد القضيه , فقد يكون هذا البلطجي الذي يحمل سلاحا ابيض و يهاجم شخصا ما , قد يكون الوضع معكوسا و هذا الشخص هو البلطجي الفعلي الذي جاء ليهدد موطنا في منزله لو في محله و فقد سلاحه في اثناء الصراع و هنا نجد ان القانون ايضا قد شرع لاي انسان الدفاع الشرعي عن النفس بل و برأه من جريمه القتل العمد في تلك الحاله و معرفه من البلطجي و من المواطن الشريف بالقطع تستوجب تحقيات النيابه و حكم قاضي عادل و ليس حكم لحظي لشرطي في الشارع ..هذا بالاضافه الى انه يفتح بالطبع مجالا عظيما لتصفيه الحسابات من قبل الفاسدين في جهاز الشرطه ....
اعلم اننا طلبنا وزير داخليه اصغر سنا و اكثر تماشيا مع لغه العصر و فئه الشباب , لكن الغريب ان القدر في هذه المره قد ذهب الى ابعد ما نظن , فاذا بنا نفاجأ بقرار يجعل من كل افراد الشرطه لاعبين "كاونتر سترايك " و "ميدال اوف اونر " محترفين – هي العاب فيديو جيم مشهوره جدا بين الشباب – ليصيبوا هذا و يقتلوا ذاك ب "الهيد شوت – طلقه في الرأس " تماما كما العاب الفيديو حتى نحتسب لهم نقاطا اضافيه ..... !

0 التعليقات:

إرسال تعليق